الميل إلى التفاؤل عند الطفل:
لا يعرف الطفل إلا التفاؤل والانشراح في طفولته المبكرة ، فيقبل على الحياة بروح متفائلة ،ويسعد الآخرين حوله بابتسامته وبراءته
فإذا كان من يربيه صالحاً ومستقيماً فإنه سيلبي للطفل احتياجاته، لتنمو شخصيته بشكل طبيعي وإيجابي ،وسيكون سعيداً حيوياً من الناحية العاطفية والعقلية والروحية .
ولإن الأطفال متفائلون بطبيعتهم فهم لا يتوقعون الشر أبداً.. فنراهم مرحين وراغبون في الاكتشاف وإجراء التجارب ،مطمئنين إلى من يربيهم سواء كان والديهم أم من يربيهم في دار الأيتام لإنهم لا يفكرون بطريقة سلبية.
هذه الروح المتفائلة الحيوية هي دعامة شخصية الطفل ليحصل على حياة سعيدة ومشرقة وهي العامود الأساسي لشخصية الطفل الإيجابية مستقبلاً.
ولأن الأطفال أيضاً بريئين بطبيعتهم فهم أكثر عرضة من أي أشخاص آخرين للإصابة بالجروح النفسية ، إذا عاملهم من يربيهم سواء كان أبويهم أو غيرهم بطريقة سلبية تقوم على الضرب العنيف أو الانتقاد اللفظي الجارح ،أو الاعتداء الجنسي ، ويواصلوا حياتهم في هذه البيئة السيئة أو السعيدة ويتأثرون بكل ما يحدث خلال تواجدهم بها من معاملة سلبية أو ايجابية .
والمأساة في حياة هؤلاء الأطفال الأبرياء تحدث عندما يتعامل معهم آبائهم بقسوة أي بالضرب والألفاظ المهينة لشخصياتهم أو استخدام العصا في ضربهم ولا يسمحون لهم بإبداء آرائهم أو يقوم من يربيهم بالتحرش الجنسي بهم لإن مثل هذ المعاملة تقتل الاطمئنان في نفسية هؤلاء الأطفال سواء أن كانوا مع آبائهم أو من يربيهم في دور اليتامى.
ومأساة الطفل تتشكل عندما يقع تحت رحمة شخصاً مريض نفسياً ،لإن طفولته كانت شقية.. إذ سوف يمارس عليه عقده النفسية وسيعامله مثلما عاملوه من قبل في دار الأيتام أو مثلما عامله والده القاسي عليه بسبب عقده النفسية ،مما يسبب موت حيوية الطفل الداخلية، فيصبح غير واثقاً في أي إنسان ،ويفقد إحساسه بالتفاؤل في حياته، إذ ستنجرح مشاعره النفسية ، ولن يثق في أحد سواء والده أو من يربيه .فيصبح أكثر يقظة وقلقاً ، وإذا كرر المعتدى المسؤول عن رعايته عمله البذيء معه مرات كثيرة، فإنه سينطوي على نفسه ويصبح سلبياً، وسوف يفقد الاحساس بالأمل ،وسيعتقد أنه يجب أن يتحايل على من يربيه لكي يحصل على ما يحتاجه .وهكذا تتحطم ثقة الطفل في نفسه ويفقد تفاؤله ، وبدل أن يستخدم طاقاته في التفاعل مع الحياة بشكل إيجابي سليم، لكي يحصل على ما يحتاجه في حياته، فأنه يتحايل على من يربيه ،لكي يقوم بالعمل الذي كان من المفترض أن يقوم به بنفسه.
التفاؤل والثقة بين الطفل ومن يربيه هما أساس التآلف الروحي . وعندما يفقدهما الطفل تتأذى نفسيته ،ولا يثق بمن يربيه فيصبح في المستقبل شخصاً سلبياً سيئاً محتالاً ،يحقد علي الآخرين ،ويعتدي على غيره مثلما يفعل الطلاب المتنمرين في المدرسة على غيرهم من الطلبة ،لما سببه لهم آبائهم بقسوتهم عليها، وضربهم بالعصى ،أو من التحرش الجنسي بهم ،وما يصاحب ذلك من إحساس بالذل وأسى نفسي يجعلهم يشعرون دائماً بالشقاء والتعاسة.
من اجل ذلك حرصت على كتابة هذه الحلقات لكي يتفاداها الآباء أثناء تربيتهم لأبنائهم ،أن الطفل المجروح في داخله، لن ينضج بسبب فقدان الحب والحنان والحزم والاحترام ممن يربيه منذ الطفولة ،وسيكون هذا الطفل عندما يكبر، شبيهاً بوالده السيء الجارح ،الذي آلمه وذله وعذبه ، إذ سيعذب ابنه ، الذي ارتكب الخطأ ،بقسوة وسيرمي عليه كلاماً جارحاً ،مثلما فعل له والده، والسبب أن الطفل في داخله لم ينضج .ولم يتعلم من والده الذي عذبه ،كيف يتفاهم مع ابنه باحترام من خلال الكلام ،وضرب الأمثلة الإيجابية ليتعلم السلوك الصحيح ،أي سيكرر الأبن أخطاء والده ،مادام لم يخضع للعلاج النفسي الذي يخلصه من هذه الذكريات المؤلمة ، التي تجعل الطفل المريض داخله ينضج ويكبر، ويستطيع بذلك أن يكون الأب الذي يحترم أبنائه، ويوجههم للسلوك الصحيح ، بطريقة إيجابيه، يجعلهم مطمئنين .ويحملون له الحب والاحترام ، والرغبة في اجراء التجارب ، واكتشاف الأشياء الجديدة ،التي تجعلهم ناجحون في حياتهم ، وسعداء.